✍ ريم زيد الهمداني - أخصائية اجتماعية - عضو الجمعية السعودية للخدمة الاجتماعية
لا يسير الحال وفق ما يريده الإنسان أو كما قيل قديما" دوام الحال من
المحال"، فلا بد من تقلبات ومفاجآت تداهم الإنسان على حين غرة منه، فتغير
ملامح الحياة على كوكب الأرض، قد تكون عبارة عن حدث سريع مثل الزلازل
والبراكين، وقد تكون كارثة مرضية تتنقل بين القارات والبلدان والمجتمعات
فتنشر الرعب والخوف في أوساطهم.
تعتبر جائحة كورونا وباء انتقل سريعا عبر القارات والبلدان وصبغ العام 2020
بطابعه الخاص ففرض أساليب اجتماعية واقتصادية جديدة في المجتمعات قائمة على
أساس التباعد الاجتماعي والعمل عن بعد.
وفي ظل هذه الجائحة المخيفة كان لا بد أن يظهر دور الخدمة الاجتماعية كمهنة
ديناميكية يمارسها أخصائيون اجتماعيون، تعمل مع جميع الوحدات بالمجتمع في مختلف المجالات للمساهمة في إحداث تغيرات مرغوبة تتفق ومختلف التغيرات والظروف والإمكانيات والموارد المختلفة المتاحة، وقد بادر ممارسي مهنة الخدمة الاجتماعية من أبناء وطننا الحبيب،
الذين وفرت لهم المملكة سبل التعلم والتأهيل حتى أصبحوا قادرين على المساهمة
في العمل مع جميع الوحدات العاملة في الميدان للتخفيف من حدة هذه الجائحة على
المجتمع، مجسدين قول الشاعر:
ليس البطولة في المعارك وحدها
في صحـة الإنسان بات
جنودُ
هم يدرأون الموت عن أوطانـهم
وكأنــهم دون البلاد أسـودُ
يبدو أن الزمن كان بانتظار هذه الفئة من الناس (أخصائيو الخدمة
الاجتماعية) ليصنعوا ابتسامة على وجوه الآخرين، ويزرعون زهور الأمل في
بساتين الحياة، فأيديهم التي أعدوها لمثل هذا اليوم كان لابد أن تمتد لمن
يحتاجها في هذه اللحظة الفارقة من الزمن.
إن دور أخصائي الخدمة الاجتماعية في ظل جائحة كورونا هي المساهمة في تخفيف
آثار الجائحة، من خلال المساعدة في الوقاية من انتشار المرض والتوعية
الإعلامية عبر مختلف الوسائل المتاحة بإجراءات الوقاية منه، مع ما يصاحب تلك
التوعية من نشر الطمأنينة في المجتمع، ورفع الروح المعنوية لهم حتى يجعلوا من
عملهم نورا يضيء الدرب فتؤتي ثمارها يانعة، وتجنبهم أي آثار سلبية قد تدسها
التوعية دون قصد في آنية المحبة والحرص الذي يبديه القائمين بالخدمة
الاجتماعية.
من أهم التدابير الوقائية التي حرص الجميع على التوعية بها بما فيهم
ممارسي الخدمة الاجتماعية هي الحرص على النظافة الشخصية وغسل اليدين
بانتظام وتجنب لمس العينين والأنف والفم، وتجنب الاقتراب والاحتكاك مع
الآخرين، وعدم الدخول في التجمعات والابتعاد عن الأماكن التي أصبحت بؤر
لانتشار الفيروس.
انطلقت فكرة (غدق) من رؤية المملكة العربية السعودية (2030) لزيادة التمكين
المجتمعي لمهنة الأخصائي الاجتماعي وبلورة الأدوار المرتبطة بالخدمة
الاجتماعية، فشهدت المملكة عدد من المبادرات الفردية والجماعية لمواجهة فيروس
كورونا (COVID-19)
ودعم المتضررين منه،
ويجسد هذا التضامن أسمى صور التكافل الاجتماعي السعودي الذي شعاره "الإنسان أولاَ، وهذه المبادرات ما هي إلا استكمال لدور الحكومة الرائد الذي استطاع
بحنكة القيادة أن يستوعب الحدث، ويتخذ الإجراءات المناسبة، مثل منع حظر
التجوال وإيقاف التعليم وتخفيف الدوام الحكومي وغيرها، بما يحفظ للمواطن صحته
ويحتوي هذه الجائحة.
كما انطلقت مبادرة (براً مكة) لرصد الأسر المحتاجة وأصحاب الأعمال الميدانية الصغيرة التي تأثرت بحظر التجوال والأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة وبالتعاون والتنسيق مع لجنة السقاية والرفادة بمكة المكرمة، وقد تمكنت من القيام بدور رائع وفعال في خدمة المجتمع.
والى جانب فكرة (غدق) ومبادرة (براً مكة) انطلقت العديد من البرامج مثل: (تباعد) و(صحتي) و(موعد).
ستذهب هذه الجائحة بعيدا وتبقى ذكرياتها كحكاية من أساطير الماضي، التي أظهرت معدن المجتمع السعودي الأصيل، والتعاون بين أفراده في ملحمة سيدونها التاريخ بأحرف من نور.
3 تعليقات
كفووووو
ردحذفكلمات الثناء لن توفيكي حقكي
ردحذفمقال رائع وعمل معروف يدوم الجميل فيه أبدعتي حقاا ياصديقتي
فأنتم أساس لرفع معنويات مجتمعنا الحبيب يحمل شعلة الطمأنينة والتوعية نوراً لقلوبنا
فإلى الأمام ياعزيزتي دائمآ
ولكي مني كل الحب والوفاء والتقدير🌹
صديقنكي / سحر
مقال رائع من اخت رائعه وليس بالغريب عليكي مثل هذه الكتابات اتمنى لكي التوفيق والتطور في المستقبل القريب ان شاء الله
ردحذف